تحميل PDF: تلخيص مميز في مادة القانون الجنائي الخاص لطلبة الفصل الرابع
الفانون الجنائي الخاص |
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
على بركة الله
أولا : تعريف القانون الجنائي الخاص
هي القواعد القانونية التي عمد المشرع من خلالها إلى تحديد الأفعال الإجرامية والجزاءات المقررة لها وهي إما على شكل عقوبات أو تدابير وقائية .
كما أنه يتخذ مفهوما أخر وهو القواعد المسطرية التي تنظم مراحل الجريمة حتى النطق بالحكم . فالقانون الجنائي بهذا المفهوم الواسع يضم قواعد الموضوع أي القانون الجنائي الموضوعي ثم قواعد الشكل و هي المسطرة الجنائية .
والمشرع المغربي يستعمل مصطلح القانون الجنائي للدلالة على الموضوعي فقط دون الشكلي فهو ينصرف إلى تحديد سياسة التجريم والعقاب دون القواعد التي تنظم البحث والتحقيق والمحاكمة. ومن هنا كانت دراسة القانون الجنائي من حيث الموضوع منقسمة إلى قسمين : عام وخاص .
فالقسم العام ينظم القواعد العامة بالتجريم وتحديد الأركان العامة للجريمة وهي تتسم بالتجرید والشمولية وصالحة للتطبيق على كل الجرائم وعلى كل أنواع المجرمين فالتمييز مثلا بين الفاعل الأصلي والمشارك هي من صميم القانون الجنائي العام .
أما القسم الخاص فيتضمن القواعد التي تحدد الأركان الخاصة بكل جريمة على حدة والعقوبة المخصصة لها فوظيفة القانون الجنائي الخاص هو تحديد الاوصاف الإجرامية الواقعية بكل دقة وبيان عناصرها المادية والمعنوية وفق النموذج القانوني ثم تعيين العقوبة فيأتي النص الخاص بجريمة القتل مثلا
مبينا عناصر القتل وجزائه وظروفه المشددة والمخففة لذلك كان هذا القسم عبارة عن جدول يضم الجرائم المعاقب عليها وبالعقوبات المحددة لكل جريمة .
ثانيا : علاقة القانون الجنائي بفروع القانون الأخرى
- علاقة القانون الجنائي الخاص بالقانون الجنائي العام
القسم الخاص هو التجسيد الواقعي والتطبيق العملي لمبدأ الشرعية الجنائية ، فإذا كان هذا المبدأ هو روح القانون الجنائي العام ، فالقانون الجنائي الخاص يطبق هذا المبدأ وينقله من حالة الجمود إلى الحركة عبر بيان أنواع الجرائم و عقوباتها ، وهذا هو مضمون الشرعية .
والقانون الجنائي الخاص أسبق إلى الوجود من القانون الجنائي العام الذي تبلور فقهيا مع مرور الوقت ليعطي أفكارا شمولية عن الجريمة ومبادئ عامة عنها ، فالقانون الجنائي الخاص هو الأصل.. ويظهر الفرق بينهم في أن القانون الجنائي العام لا يعطي عقوبة للجريمة لذلك كان تطوره بطيئا بينما الخاص نظرا لحركيته فالسياسة الجنائية تتطور بسرعة لتحافظ على المجتمع المتطور أيضا بطبعه .
ونجد علاقة تبعية بين القانونين تتجلى في أنه لا يمكن إضافة مبادئ جديدة للقانون الجنائي العام إلا إذا أملي القسم الخاص ضرورة ذلك ، فلا يمكن إضافة مبدأ جنائي جديد دون أن تكون هناك جريمة فرضت ظروفها و عقاب المجرم فيها ضرورة وجود هذا المبدأ .
كما أنه لا يمكن دراسة الخاص دون مبادئ العام فلا يمكن تحليل جريمة القتل مثلا دون معرفة الركن المادي والمعنوي ولا يمكن تحليل الجريمة دون الاستفادة من النظرية العامة للجريمة .
خلاصة القول القانون الجنائي العام هو الشكل والاطار والقانون الجنائي الخاص هو المضمون .
- علاقة القانون الجنائي الخاص بعلم الاجرام
علم الإجرام يتكلف بدراسة الجريمة والبحث عن الأسباب والدوافع وطرق علاجها ، بينما القانون الخاص ليس قانون أسباب ودوافع بل قانون عقاب و زجر . والتأثير بينهما متبادل ذلك أن علم الإجرام يتدخل لإعطاء صفة الخطورة ليتدخل الجنائي الخاص فيضع قواعد الردع ، كما يستفيد الخاص من علم الإجرام في اتخاذ التدابير الوقائية التي يراها علماء علم الإجرام وكذا ظروف التخفيف والتشديد ناهيك عن مبدأ تفريد العقاب .
علاقة القانون الجنائي الخاص بعلم الاجتماع يفرض علم الاجتماع نوعا من المرونة في تعامل القانون الجنائي الخاص مع التطورات الحاصلة في المجتمع ، كما يقدم علم الاجتماع الفائدة من خلال التعرف على الأفعال الذميمة وطرق التحقيق والتكهن بمدى تقبل العقوبة من طرف أفراد المجتمع ومدى فائدة هذه العقوبات و مسايرتها للظرفية .
- علاقة القانون الخاص بالمسطرة الجنائية
المسطرة الجنائية كما قلنا هي مجموع القواعد الإجرائية الشكلية المتبعة منذ وقوع الجريمة إلى النطق بالحكم ، ويشمل قواعد التحقيق والتفتيش والاعتقال الاحتياطي والمتابعة وكيفية صدور الحكم والطعن. القانون الجنائي الخاص يتضمن ظروف التخفيف والأصلح للمتهم بينما المسطرة الجنائية لا تكون في صالح المتهم كالحبس الاحتياطي وتطبق قاعدة الأثر الفوري المباشر للقانون .
- علاقة القانون الجنائي الخاص بفروع القانون الخاص والعام
القانون المدني ينظم الملكية والقانون الجنائي الخاص يعاقب كل اعتداء على الملكية ، القانون التجاري ينظم التجارة و القانون الجنائي الخاص يحمي المعاملات ، القانون الإداري ينظم الوظيفة والقانون الجنائي الخاص يحمي نزاهة الوظيفة العمومية . إذن هدف القانون الجنائي الخاص يختلف عن أهداف القوانين الأخرى الغير العقابية .
ثالثا : خصائص القانون الجنائي الخاص
1- احترام مبدأ الشرعية الجنائية :
فهو حجر الزاوية في القانون الجنائي الخاص ، فهو الضمانة الحقيقية لحرية الأفراد ومصالحهم الخاصة وفي نفس الوقت يجسد المصلحة العامة من منطق أنه مناط تطبيق حق الدولة في التجريم والعقاب . ومضمون مبدأ الشرعية أنه ينص على الجرائم والعقوبات الخاصة بها ، فالقانون الجنائي يقدس مبدأ الشرعية ويحترمه ولا أدل على ذلك من أنه لا يجرم إلا ما كان صریحا بنص القانون ، وهو يقيد سلطة القاضي الجنائي في التعامل مع الجرم ، وهنا تحضر عملية التكييف القانوني فالقاضي قد يحكم على قضية على أنها سرقة بينما هي نصب واحتيال ، كما قد يخطئ القاضي في اعتبارها دفاعا شرعيا من عدمها .
2- قانون أحادي المصدر : وهو النص التشريعي المكتوب الأصدر عن السلطة المختصة بإصداره .
3- قانون متحرك : فهو قانون غير جامد بل متحرك ويتغير على الدوام ، يتكيف مع المجتمع .
رابعا : إمكانية بناء نظرية عامة للقانون الجنائي
ففي جريمة السرقة ليس الحق المعتدى عليه هو اختلاس المال بل الحق في الملكية .
وقد أفرد المشرع الجنائي الكتاب الثالث للقسم الجنائي الخاص وقسمة إلى جزئين الأول يتعلق بالجنايات والجنح والثاني للمخالفات وقد جاء الجزء الأول متضمنا 10 أبواب كالاتي :
1- الجنايات والجنح ضد أمن الدولة الداخلي والخارجي
2- الجنايات والجنح الماسة بحرية المواطنين
3- الجنايات والجنح التي يرتكبها الموظفون ضد النظام العام
4- الجنايات والجنح التي يرتكبها الأفراد ضد النظام العام
5- الجنايات والجنح ضد الأمن العام
6- جنایات و جنح التزوير والتزييف والانتحال
7- الجنايات والجنح ضد الاشخاص
8- الجنايات والجنح ضد نظام الاسرة والاخلاق العامة
9- الجنايات والجنح المتعلقة بالأموال
10- الجرائم الماسة بالمعاجلة الالية للمعطيات
الفصل الأول : الجرائم الماسة بأمن الدولة
هي من أقدم الجرائم المعاقب عليها وذلك راجع لخطورة هذه الجرائم فأمن الدولة هو أمن التشريع وقد أفرد المشرع جملة من النصوص في الباب الأول من الكتاب الثالث من المجموعة الجنائية تحت عنوان " في الجنايات والجنح ضد أمن الدولة " ابتداء من الفصل 163 إلى 218 وقسمه إلى قسمين جرائم أمن الدولة الداخلي ويكون الغرض منها إحداث تغيير في نظام الدولة السياسي وأهمها جريمة المؤامرة وجريمة الاعتداء ثم جرائم أمن الدولة الخارجي ويكون اقترافها ذا خطر على المغرب وأهمها الخيانة والتجسس .
وأهم نقط الاختلاف بين الجريمتين تتلخص في :
1- اختلافهما في صورة المصلحة المحمية : فرغم أننا تتوحد في الحفاظ على كيان الدولة باعتبارها مصلحة عليا ، لكن الخلاف بينهما أن الأولى تقتصر على حماية نظام الحكم سلطتها وأمنها بينما الثانية ترمي إلى الحفاظ على سيادة الدولة واستقلالها ووحدة أراضيها وهيبتها أمام الدول .
2- اختلافهما في صفة الجاني : فجنسية الجاني تكون محل اعتبار في جرائم أمن الدولة الخارجي فلابد أن تكون ذا جنسية مغربية أما بخصوص الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي فلا تعويل على
جنسية الفاعل فهما على حد سواء ، المغربي أو الأجنبي .
3- اختلافهما في زمن ارتكاب الجريمة : فوقت الحرب يكون ذا اعتبار لأمن الدولة الخارجي فهو
العنصر المفترض للجريمة فيكون من ظروف التشديد بينما في جرائم أمن الدولة الداخلي لا يوجد اعتبار للزمن سواء ارتكبت زمن الحرب أو السلم .
والمشرع اتبع سياسة أكثر حيطة تسمى التجريم التحوطي أو الوقائي وذلك في خطوة استباقية التجنب وقوع جرائم تغيير النظام السياسي للبلاد أو ما يتعلق بأمنه الخارجي ، وهي سياسة قائمة على أساس الافتراض ، وهو ما يشكل خطرا على حقوق الأفراد ، لكنها في نظر البعض سياسة ناجعة اعتبارا أن المصلحة العليا للبلاد أكثر أهمية من حقوق الأفراد ، فلا بد من حماية النظام السياسي في المقام الأول .
الفرع الأول : الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي
المبحث الأول : الطبيعة القانونية لجرائم أمن الدولة الداخلي
المطلب الأول : المفهوم العام لجرائم أمن الدولة الداخلي
هي الجرائم التي يكون الهدف منها المس بأجهزة الدولة أو التمرد على السلطة أو الإطاحة بنظام الحكم أو تغيير النظام السياسي . وتتميز هذه الجرائم باعتبارها ظرفا مشددا لبعضها البعض ، كما تتميز باستعمال وسائل مزدوجة إيجابية وسلبية ، فأما الايجابية فهي " الإعفاء من العقوبة " و " التبليغ عن الجريمة " وهي وسائل من أجل القضاء على هذه الجرائم بأسرع وقت ممكن ووضع حد لخطورتها وتسهيل اكتشافها .
أما الوسائل السلبية فهي " التخطيط الذي هو المراحل المتبعة و " الاتفاق " وهو التعاون على المس بأمن الدولة .
علاوة على ذلك تتميز جرائم أمن الدولة الداخلي بصفة الاستثنائية ، ومعناه الخروج عن مبدأ الشرعية الجنائية فالقاضي هنا يتمتع بسلطة تقديرية كبيرة تتيح له التعامل مع من يريد تغيير النظام السياسي بأكبر قدر من الشدة ، وجرائم أمن الدولة هي جرائم سياسية بالدرجة الأولى كقاعدة عامة لأن نية الجاني تكون المساس بالنظام السياسي للدولة وتغيير الوضع السياسي القائم .
المطلب الثاني : الأحكام العامة لجرائم أمن الدولة
تتضمن أحكاما عامة لجرائم أمن الدولة نقسمها إلى قسمين أحكام مسطرية و موضوعية .
أولا : الأحكام المسطرية
- من حيث الاختصاص : الداخلي ينظر فيها لدى القضاء العادي أما الخارجي فالقضاء العسكري .
- من حيث تنفيذ العقوبة : مماثلة للجنايات والجنح العادية رغم طابعها السياسي أي أن المتهم
بإحداها لا يستفيد بما يستفيد منه المجرم السياسي بخصوص تنفيذ العقوبة فصل 218 من القانون الجنائي .
- من حيث الأولوية في التحقيق والمحاكمة : تعد من القضايا المستعجلة ولها الأولوية في التحقيق والمحاكمة قبل فرار المتهمين وكذا من أجل طمأنة الرأي العام فصل 216 من القانون الجنائي .
- من حيث تفتيش المنازل : يمكن القيام به من طرف وكيل الملك أو قاضي التحقيق حتى بالليل وفي أي مكان فصل 102 من القانون الجنائي .
ثانيا : الأحكام الموضوعية
اعتمد المشرع سياسة التحوط والافتراض وتشديد العقاب حيث خرج عن مبادئ القانون الجنائي الخاص العامة فضيق من مساحة مصلحة المتهم وذلك لخطورة الأمر على النظام السياسي .
المبحث الثاني : جريمة المؤامرة
من مبادئ سياسة التجريم في التشريع الجنائي وكما هو معلوم أن المشرع لا يعاقب إلا على السلوك الخارجي المحسوس الذي يظهر في شكل مادي أما النوايا والتفكير في الجريمة فلا يعاقب عليه المشرع الجنائي فلا عقوبة على مجرد التفكير في الجريمة ، لكن في ما يخص جرائم أمن الدولة فمجرد التفكير يسمى مؤامرة ومجرد الاتفاق بين شخصين أو أكثر على ذلك ولو لو يخرج إلى حيز الوجود يسمى مؤامرة يعاقب عليها القانون الجنائي الخاص ، الفصل 175 من القانون الجنائي .
نستنتج من هنا الطبيعة القانونية الخاصة لجريمة المؤامرة عن سائر الجرائم الجنائية ، من جملة الخصائص :
1- المؤامرة سلوك محتواه نفسي :
هذا السلوك النفسي أساسه عاملان : الأول أنه سلوك شخصي عبر عنه صاحبه والثاني يكمن في أن هذا التعبير دليل على انصراف الارادة إليه وهو أساس عقاب هذا السلوك .
2- المؤامرة جريمة فاعل متعدد :
تنتمي إلى جرائم الفاعل المتعدد فلا تتحقق بإرادة شخص واحد .
3- تجريم المؤامرة فرع من أصل :
المؤامرة وسيلة لغاية معينة مع سبق العزم والتصميم على ارتكابها فهي فرع لأصل الجريمة المنشودة ، أي أن جريمة المؤامرة إذا كانت جريمة قائمة بذاتها فإنها تظل من حيث الغاية تابعة لجريمة أخرى .
المطلب الأول : أركان جريمة المؤامرة
الفقرة الأولى : الركن القانوني لجريمة المؤامرة
ويتمثل في افتراض قيام مصلحة عليا تقتضي الحماية الجنائية ، وحتى نكون بصدد جريمة مؤامرة اشترط المشرع شرطين :
1- مؤامرة ضد الملك أو ولي العهد أو النظام الملكي أو زعزعة ولاء الرعايا المغاربة للملك
2- وجوب الاخذ بالمؤامرة المنصوص عليها في القانون الجنائي لا في غيره من القوانين فصل 179 من القانون الجنائي .
الفقرة الثانية : الركن المادي لجريمة المؤامرة
يكفي لتحقق ركنها المادي وجود اتفاق مصمم على تنفيذه من طرف شخصين أو أكثر .
وفي ما يلي بيان لماهية الاتفاق وعدد المتفقين ولحظة تمامه .
1- ماهية الاتفاق في جريمة المؤامرة :
لم يعرفه المشرع لكنه بطبيعته يفترض مظهرا ماديا ملموسا كتعبير عن إرادة أفراد شفويا أو كتابيا أو إيماءا ، ولا يشترك أن يكون سريا فيمكن أن يكون علنيا كما لو أعلن مجموعة من الأفراد عن نيتهم تغيير نظام الحكم .
2- عدد المتفقين :
المؤامرة من جرائم الفاعل المتعدد فاقل عدد هو شخصين .
3- لحظة تمام الاتفاق :
بمجرد توافق الارادات يعتبر الاتفاق كائنا ويستكمل الركن المادي للمؤامرة عناصره سواء تمت المؤامرة أم لم تتم ويترتب عن هذا أن العقوبة تقع رغم عدول المتآمرين عن المؤامرة فهذا العدول يبقى مجرد توبة وندم ولا يوقف العقوبة.
الفقرة الثالثة : الركن المعنوي لجريمة المؤامرة
المؤامرة جريمة عمدية لا تقوم قانونا إلا إذا توفر القصد الجنائي لدى الفاعل من خلال علمه بطبيعة الاتفاق وهذا القصد العام أما القصد الخاص فهو الإدراك بارتكاب جريمة مؤامرة يعاقب عليها الفصول 172-174-201 من القانون الجنائي ، ولا يعتبر هنا نبل الدافع مثل القيام بإصلاحات سياسية ، فتغيير النظام يعتبر جريمة جنائية بامتياز .
المطلب الثاني : عقوبة جريمة المؤامرة والظروف المؤثرة
إذا توفرت جميع الاركان في جريمة المؤامرة بالشكل الذي رأيناه فإن المسؤولية الجنائية تتحقق سواء كان الفاعل مساهما أو مشاركا وتترتب عليها مجموعة من الآثار والعقاب لكن هذا الأخير يتغير بظرف من ظروف التشديد أو التخفيف .
الفقرة الأولى : ظروف التشديد في جريمة المؤامرة
إذا تم إتباع التأمر بعمل تحضيري فإن العقوبة ترفع إلى السجن المؤبد في حالة التآمر على حياة الملك ، الفصل 172 من القانون الجنائي .
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا تبع المؤامرة عمل يعد شروعا في التنفيذ فنحن بصدد جريمة " اعتداء" .
الفقرة الثانية : ظروف التخفيف في جريمة المؤامرة
تتمثل هذه الظروف في خمس صور أساسية .
1- التآمر ضد حياة الملك أو شخصه دون البدء في التنفيذ ، 5-20 سنة سجنا ، الفصل 172 من القانون الجنائي .
2- التآمر ضد حياة ولي العهد دون البدء في التنفيذ ، 5-10 سنة سجنا ، الفصل 173 من القانون الجنائي .
3- المؤامرة التي من أجل الغايات المذكورة في الفصل 169 من القانون الجنائي ، 5-10 سنة الفصل 174 من القانون الجنائي .
4- المؤامرة التي لا يتبعها ارتكاب عمل أو شروع فيه ، 1-5 سنة ، الفصل 201 من القانون الجنائي .
5- الدعوة إلى المؤامرة التي لم يتم قبولها ، بالملك : 5-10 سنة ، تغيير النظام :2-5 سنة .
المبحث الثالث : جريمة الاعتداء
الاعتداء لغة يفيد المساس بحق من الحقوق واستعمله القانون الجنائي في الاعتداء على الأملاك العقارية و الاعتداء الذي يطال الملكية الأدبية والفنية .
لكن بعض الفقه حصره في جرائم أمن الدولة ونحن نؤيد الموقف الأخير على اعتبار أن الاعتداء يمس الأمن ، ومجال تجريم الاعتداء يبدأ من المحاولة ، فيعاقب عليها بعقوبة جريمة الاعتداء التامة ، الفصل 170 من القانون الجنائي . "يتحقق الاعتداء بمجرد وجود محاولة معاقب عليها ".
المطلب الأول : الأركان الخاصة بجريمة الاعتداء
الفقرة الأولى : الركن القانوني لجريمة الاعتداء
يتمثل في افتراض قيام مصلحة أو حق يحمية القانون من أي مساس به والتشدد هنا في مؤاخذة الجاني يعود لحجم المصلحة التي تقتضي قدرا كبيرا من الحماية الجنائية .
الفقرة الثانية : الركن المادي لجريمة الاعتداء
يكفي نشاط مادي يشكل محاولة عملا بمقتضيات الفصل 170 من القانون الجنائي ونحن أمام صورتین هنا :
1- محاولة تنفيذ الاعتداء :
استغلال ظرف من الظروف يساعد على ارتكاب الجريمة .
2- الشروع في تنفيذ الاعتداء :
وهنا لا يعتبر القاضي العدول عن الاعتداء ، وليس تحقق النتيجة الإجرامية شرطا لقيام الركن المادي بل يكفي الشروع في التنفيذ .
الفقرة الثالثة : الركن المعنوي لجريمة الاعتداء
يجب أن يكون الجاني عالما بطبيعة الفعل الذي يقدم عليه بإرادته الحرة وإثبات القصد يقع على عاتق النيابة العامة بجميع طرق الإثبات بما فيها القرائن التي تقنع المحكمة .
المطلب الثاني : عقوبة جريمة الاعتداء والظروف المؤثرة
الفقرة الأولى : ظروف التشديد في جريمة الاعتداء
يعاقب عليها القانون الجنائي بالاعدام أو المؤبد إلا في حالات استثنائية ، والاعدام يستهدف كل من يعتدي على الملك أو ولي العهد أو الأسرة المالكة الفصل 163 من القانون الجنائي .
وظروف التشديد تكون في حالة استعمال العنف فحيثما لجئ إلى العنف وجب التشديد - قاعدة عامة - .
الفقرة الثانية : ظروف التخفيف في جريمة الاعتداء
20 -30 سنة في حالة عدم اراقة الدماء.
المبحث الرابع : جريمة تكوين عصابة مسلحة
اعتبرها المشرع مساس بأمن الدولة حسب الفصل 201 من القانون الجنائي ، سواء مست بأموال عامة أو عقارات أو مراكب للدولة أو هجوم على قوات عمومية ، كما يمكن اعتبارها جريمة ارهابية تهدف إلى تغيير النظام السياسي للبلاد، وتختلف صور وأشكال العصابات حسب الهدف المنشود :
1- جرائم تكوين عصابات مسلحة بقصد اثارة فتنة أو حرب أهلية ، وعاقب عليها القانون الجنائي
بالاعدام حفاظا على أمن البلاد.
2- جرائم تكوين عصابات مسلحة في صورة تمرد عسكري ، كانشقاق في القوات المسلحة أو
السيطرة على أحد المراكز العسكرية أو مخالفة أوامر القيادة ، والخطر من هذا هو انشقاق في
الجيش وقيام حرب اهلية فكان العقاب على هذه الجريمة بالاعدام .
3- جرائم تكوين عصابات مسلحة لإشعال فتيل الثورة ، وعقوبتها الاعدام وتكون في ثلاثة حالات :
- اكتساح مسلح لجزء من البلاد لإضعاف الدولة والنيل من سيادتها
- نهب أموال الدولة ويشترط أن تكون أموال الدولة وليس خواص
- الهجوم على القوات العمومية العاملة ضد مرتكبي هذه الجرائم .
المطلب الأول : الأركان الخاصة بجريمة تكوين عصابة مسلحة
الفقرة الأولى : الركن القانوني لجريمة تكوين عصابة مسلحة
المشرع اشترط شرطين يتمثل الأول في مصلحة عامة تقتضي الحماية التشريعية وثانيهما يتمثل في حصر هذا الركن فيما نص عليه القانون على سبيل الحصر لتمييزها عن باقي الجرائم المشابهة لها .
المصلحة التي يحميها المشرع الجنائي تقوم على توفير الأمن داخل الدولة بهدف الحيلولة دون حدوث نزاعات مسلحة من شأنها تهدید سلامة الدولة .
أما الشرط الثاني وهو الأخذ بالركن القانوني في جريمة تكوين عصابات مسلحة فمعناه أن هذه الجريمة لا يمكنها أن تقوم إلا إذا أختل الأمن داخل الدولة مما يشكل تهديدا لمصالحها ومؤسساتها وإذا لم يتم المساس بالمصالح المنصوص عليها في الفصول 201-203 من القانون الجنائي فلا نكون أمام جريمة عصابة مسلحة.
الفقرة الثانية : الركن المادي لجريمة تكوين عصابة مسلحة
وقد اشترط المشرع الجنائي شروطا أهمها :
1- ضرورة أن تكون العصابة مسلحة ، فيجب أن يكون السلاح الوسيلة المستعملة في بلوغ الأهداف
أما إذا كان أحد عناصر العصابة مسلحا فلا يمكن اعتبار العصابة مسلحة ولا يهم أن يكون السلاح ناريا بل أي سلاح يشكل تواجده شرطا لقيام الركن المادي ، الفصل 303 من القانون الجنائي " يعد سلاحا
جميع الأسلحة النارية والمتفجرات والأجهزة والادوات والواخزة والراضة والقاطعة والخانقة "
2- وجوب قيام العصابة على توزيع المسؤوليات بين أفرادها ، ومعناه رئاسة العصابة ، وظائف
العصابة ، المكلفين بالمهام ، الشركاء ، الداعمين ، المنفذين .
3- وجود عصیان قائم في شكل تجمع ثوري موجه إلى النظام السياسي ، ويلاحظ من خلال تعريف
الفصول 201-205 من القانون الجنائي أن الهدف من تكوين العصابة المسلحة هو إسقاط النظام السياسي القائم وإحلال آخر مكانه والمعاقبون هم الذين قبض عليهم في التجمع وليس الذين وجدوا في التجمع .
الفقرة الثالثة : الركن المعنوي لجريمة تكوين عصابة مسلحة
يختلف عن الركن المعنوي في المؤامرة والاعتداء من حيث أن المشرع اكتفى فقط بالقصد الخاص وليس العام والخاص معا ، وجريمة العصابة المسلحة من الجرائم العمدية وذلك اقتضی عدم قیامها ما لم يتوفر القصد الجنائي لدى الفاعلين الاصليين .
الفاعلون الغير الاصليين وهم المساهمون لا يتابعون بجريمة تكوين عصابة مسلحة ما لم يتوفر لديهم القصد الجنائي .
المطلب الثاني : عقوبة جريمة تكوين عصابة مسلحة والظروف المؤثرة
الفقرة الأولى : ظروف تشديد في جريمة تكوين عصابة مسلحة
شدد المشرع العقوبة في هذه الجريمة حسب ما نص عليه الفصل 203 من القانون الجنائي الذي قرر عقوبة الإعدام ، و هذا التشديد مبرره هو تهديد النظام السياسي القائم واستبداله وتعكير الجو بالسلاح كما يجد مبرره في العنف الممارس بالسلاح.
الفقرة الثانية : ظروف التخفيف في جريمة تكوين عصابة مسلحة
يخفف إلى السجن المؤقت 5-20 للذين لم يباشروا وظيفة في العصابة المسلحة وقبض عليهم في مكان التجمع الثوري ، كما يعفى من العقاب كل من انسحب مع أول إنذار والغرض هو تفتيت العصابة وهي سياسة جنائية تحوطية حكيمة .
- التمييز بين جريمة العصابة المسلحة و جريمة العصابة الاجرامية
* أوجه التشابه :
- التسمية : عصابة
- تعدد الجناة
- كلاهما من الجرائم الخطيرة : لا يشترط فيهما تحقق النتيجة الإجرامية
- اتفاق اعضائها على ارتكاب جرائم معينة
* أوجه الاختلاف :
- اختلاف الاهداف :
العصابة المسلحة : الهدف سياسي
العصابة الإجرامية : الهدف غیر سیاسي
- اختلاف التبويب :
جرائم العصابة المسلحة تندرج ضمن جرائم أمن الدولة الداخلي
جريمة العصابة الإجرامية تندرج ضمن الجرائم الماسة بالأمن العام .
- التمييز بين جريمة العصابة المسلحة وجريمة العصيان
* أوجه التشابه
المساهمون في كلتا الجريمتين يعفون من العقاب في حالة عدم توليهم قيادة أو وظيفة وانسحبوا عند أول إنذار للسلطة الفصل 306 للعصيان 213 و للعصابة المسلحة .
* أوجه الاختلاف
- العصابة المسلحة اعتبرها المشرع من الجرائم الماسة بسلامة الدولة الداخلية في حين العصيان من الجرائم المرتكبة ضد الأمن العام
- ولا يمكن أن يرتكب جريمة العصابة المسلحة شخص واحد خلافا لجريمة العصيان
- الهدف من العصابة المسلحة هو الإخلال بالاستقرار عن طريق قلب نظام الحكم في حين هدف العصيان هو امتناع القوات العمومية عن تنفيذ الأوامر أو القرارات الصادرة إليها من السلطة العامة ويكون مبدئيا بدون سابق اتفاق بينهم .
-
- الفرع الثاني : الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي
- لم يعرفها المشرع بل اكتفى بالتمييز بعضها ببعض اعتمادا على معيار جنسية الفاعل مما يصعب معه حصر نطاق هذه الجرائم ، لكن الفقه تطرق لهذه الجرائم و عرفها بالجرائم التي تمس وحدة التراب الوطني وسلامة مرفق الدفاع الوطني . والهدف من تجريم هذه الأفعال هو الحفاظ على استقلال البلد ووحدته الترابية وسلامته من أي عدوان خارجي ، وقد تطرق لها المشرع في الفرع الثاني من الباب الأول من الكتاب الثالث من القانون الجنائي من المواد 181 الى 200 ، والخيانة والتجسس هما أخطر هاته الجرائم .
- المبحث الأول : اركان جريمتي الخيانة والتجسس
- الخيانة والتجسس من أخطر الجرائم التي تهدد الدولة وأمنها لا سيما في الوقت الحالي حيث تقدمت التكنولوجيا وأساليب التجسس .
- المطلب الأول : الركن المادي لجريمتي الخيانة والتجسس
- هو كل نشاط أو سلوك إجرامي يأتيه فاعله بقصد تحقيق أحد الأهداف المنصوص عليها في الفصول ما بين 181-185 من القانون الجنائي ، وهي 5 افعال ، لكن نقتصر على جريمتين .
الفقرة الأولى : الركن المادي لجريمة حمل السلاح ضد الدولة
- وتتحقق بشرطين :
- 1- الجنسية الوطنية لمرتكب الجريمة الفصل 181 من القانون الجنائي ، فيؤاخذ عليها الوطني أما الأجنبي الحامل للسلاح لا يمكن مؤاخذته بجناية حمل السلاح .
- 2-حمل السلاح ضد الدولة أي ضد الجيش كما تتحقق واقعة حمل السلاح عند تقديم معلومات أو استشارات للعدو .
- الفقرة الثانية : الركن المادي لجريمة استعداء دولة أجنبية للقيام بعدوان على الوطن وتسمى خيانة
- وتتحقق باقتراف أحد الأفعال بمقتضى الفقرة 2 من الفصل 181 من القانون الجنائي والتي حصرها المشرع في ما يلي :
- 1- مباشرة اتصالات مع سلطة أجنبية بقصد حملها على القيام بعدوان ضد الوطن
- 2- تزويد السلطة الأجنبية بالوسائل اللازمة للعدوان على البلد ، عن طريق تسهيل دخول قوات معادية برية أو جوية أو بحرية .
- المطلب الثاني : الركن المعنوي
- الفقرة الأولى : الركن المعنوي لجريمة حمل السلاح ضد الوطن
- بما أن هذه الجريمة عمدية فلا بد من توفر القصد الجنائي أي أن نية الفاعل تتجه إلى حمل السلاح في جيش معاد للوطن وتعمد مساعدة العدو من أجل الاضرار ببلده ومن ثم لا تنتفي الجناية إلا إذا كان يجهل بأنه وطني أو تم إكراهه على حمل السلاح ضد بلده .
- الفقرة الثانية : الركن المعنوي لجريمة استعداء دولة أجنبية للقيام بالعدوان على الوطن
- لا بد من توفر القصد الجنائي العام والخاص لدى الشخص حتى يمكن مساءلته عن هاته الجريمة وبالتالي إذا لم يستهدف هذا الاتصال أي عدوان فلا تقوم هذه الجريمة مطلقا .
- مثال ذلك تسريب ضابط في الجيش معلومات بحسن نية لضابط آخر قام بتسريبها .
- أما الإطار القانوني الذي لم نتطرق إليه فقد حصره المشرع في نماذج إجرامية محددة لا يمكن التوسع فيها أو القياس عليها من خلال الفصول ما بين 181-185 من القانون الجنائي ، ويقتضي هذا الركن أن يطال الفعل الاجرامي المصالح التي يحميها القانون الجنائي وقت الحرب أو وقت السلم متى ألحق ضررا بإحدى هذه المصالح :
- القوة العسكرية، السيادة الوطنية ، الحدود الترابية ، ذلك أن المساس بهذه المصالح يسهل السيطرة على البلد وبالتالي كان طبيعيا أن يشدد المشرع العقاب على كل من أتي جريمتي الخيانة والتجسس.
- المبحث الثاني : عقوبة جريمتي الخيانة والتجسس
- خصص المشرع للعقاب عليها الفصول 181-182-185 من القانون الجنائي وقد شدد في العقاب عليها تارة وخفف تارة أخرى .
- المطلب الأول : الظروف المشددة
- كقاعدة عامة عاقب المشرع على جريمتي الخيانة والتجسس بمختلف صورهما بالاعدام ، الفصل 181 من القانون الجنائي وقد رغب المشرع في ردع هاتين الجريمتين خصوصا وقت الحرب ويبقى الهدف الرئيسي هو استئصال هذه الجرائم في مهدها ومن أوجه التشديد أنه لم يفرق بين الفاعل الأصلي والمساهم والمشارك فكلهم في عقوبة الإعدام سواء فضلا أنه لم يتقيد بالقيود المذكورة من الفصل 704- 711 من القانون الجنائي ، كما أنها لا تخضع للعفو أو التقادم .
- المطلب الثاني : الاعذار المخففة
- أورد المشرع استثناءات بتوافر شرطين :
- 1- ارتكاب الفعل وقت السلم فصل 184 من القانون الجنائي ، عدم تشكيل أي خطورة .
- أما إذا كان الفعل وقت الحرب سواء كان خطيرا أو لا يشكل خطورة فالعقوبة هي الإعدام الفصل 183-184 من القانون الجنائي .
- الفصل الثاني : جرائم الإخلال بالثقة العامة
- الفرع الأول : الجرائم التي يرتكبها الموظفون العموميون ضد النظام العام
- المبحث الأول : جريمة الرشوة
- تعتبر من مظاهر تدهور الاخلاق و رمز الفساد وأخطر الأمراض التي تصيب الوظيفة العمومية فهي تتنافى مع الثقة التي أولتها الدولة للموظف العمومي ويمس بهيبة الدولة وكرامة الوظيفة العمومية .
- لذلك فرض القانون الجنائي عقوبات جنائية على أولائك العابثين بالمصالح العليا للوطن . منطق الثنائية تعني أن جريمة المرتشي مستقلة عن الراشي بينما وحدة الجريمة العكس .
- المطلب لأول : الأركان الخاصة بجريمة الرشوة
- الفقرة الأولى : الركن القانوني لجريمة الرشوة
- هو وجود نص قانوني يجرم الرشوة ويعاقب عليها ، الفصل 248 من القانون الجنائي "يعد مرتكبا لجريمة الرشوة ويعاقب بالحبس من 2-5 من طلب أو قبل عرضا ........."
- إذا كان مبلغ الرشوة يفوق مائة الف درهم العقوبة الحبس من 5-10 سنوات .
- أما الفصل 249 من القانون الجنائي فينص على المرتشي في القطاع الخاص .
-
- جريمة الرشوة لا يمكن ارتكابها قانونا إلا من طرف أشخاص حددهم المشرع على سبيل الحصر
- - الموظفون العموميون
- - مسؤولي المراكز النيابية
- – القضاة وأعضاء هيئة المحكمة
- - المحكمون والخبراء
- - الأطباء والجراحون وأطباء الاسنان والمولدات
- - العمال والمستخدمون والموكلون .
- ولا يكفي توافر هذه الصفة وحدها بل يجب أن يكون الفاعل مختصا بالعمل الذي قام أو امتنع عنه .
- أما الراشي فنجد الفصل 251 من القانون الجنائي قد تعرض لجريمته التي تعتبر مستقلة عن المرتشي فيمكن أن يدان أو يبرأ باستقلال عن الموظف العمومي ذلك أن المشرع عمل بمبدأ الثنائية في تجريم الرشوة .
- الفقرة الثانية : الركن المادي لجريمة الرشوة
- لا يتطلب قيام جريمة الرشوة حدوث نتيجة بل يكفي إتيان نشاط من شأنه تلويث سمعة الوظيفة العمومية ، الفصل 248-249 من القانون الجنائي يتحقق الركن المادي عند تقديم طلبا بالعرض أو الهبة أو الهدية أو بأية فائدة أخرى من صاحب الحاجة مقابل أداء عمل أو امتناع عن عمل يدخل في اختصاصاته الوظيفية حتى ولو لم يستجب صاحب المصلحة .
- تتحقق جريمة الرشوة في حال أحد هذه الأفعال : الطلب ، القبول ، التسلم .
- أولا - الطلب :
- هو تعبير عن إرادة منفردة من جانب الموظف للحصول على مقابل نظير أداء عمل وظيفي ، وقد يتخد شكل طلب وعد فيكون الوعد من ذو المصلحة بتقديم مقابل ، طلب هبة وتسمى هنا الرشوة المعجلة ، والمرتشي بطلب الهبة يعين نوع الرشوة ووقت دفعها بينما لا يعينها في الحالة الثانية .
- ثانيا : القبول
- وهو إرادة متجهة إلى تلقي المقابل نظير القيام بالعمل الوظيفي ، وهذا القبول يسبقه عرض للرشوة من طرف صاحب الحاجة .
- ثالثا : التسليم
- ويقصد به أخذ الموظف ثمن قيامه بالعمل الوظيفي لمصلحة صاحب الحاجة معجلا ويكون على شكل نقدي أو عيني أو منفعة وهذه الصورة يسهل إثباتها مقارنة مع بابقي صور الركن المادي الاخرى .
- - الركن المادي بالنسبة للراشي :
- من خلال الفصل 251 من القانون الجنائي يتضح أن الركن المادي للراشي يتخذ ثلاثة صور .
- أولا : استعمال العنف أو التهديد ، من أجل إجبار الموظف على مخالفة واجباته الوظيفية .
- ثانيا : تقديم عرض أو وعد ، فيكفي أن يقوم بإغراء الموظف للاتجار بوظيفته لذلك فمجرد تقديم العرض أو الوعد كافي للادانة سواء قبل المظف أو رفض .
- ثالثا : الاستجابة لطلب الرشوة ، فيستجيب للموظف الذي يطلب الرشوة ويساعده على الاتجار بوظيفته
- الفقرة الثالثة : الركن المعنوي لجريمة الرشوة
- ويتمثل في القصد الجنائي والرشوة من الجرائمالعمدية يلزم فيها توافر عنصرين هو العلم والارادة .
- بالنسبة للمرتشي : يجب أن يعلم بتوافر ميع أركان الجريمة وأن يكون مدركا وعالما وقت الطلب أو القبول أو التسلم أن المقابل هوالقيام بعمل أو الامتناع عنه يدخل في اطار اختصاص وظيفته فاستغلال الوظيفة للحصول على فائدة أمر غير مشروع أما في حالة وضع صاحب الحاجة مبلغا من النقود في درج الموظف دون علم هذا الأخير فلا تعتبر جريمة رشوة .
- بالنسبة للراشي : يلزم أن يكون مدركا بفعله إلى الموظف العمومي للقيام بعملما لصالحه سواء تحقق أو لم يتحقق إلا إذا كان يريد ضبط الموظف متلبسا بالجريمة فلا يعتبر راشيا .
- المطلب الثاني : عقوبة جريمة الرشوة والظروف المؤثرة
- قرر المشرع عقوبات متفاوتة ومختلفة تتناسب مع خطورة الفعل الصادر عن الجاني فهناك عقوبات أصلية وعقوبات إضافية مع وجود أعذار مشددة وأخرى معفية .
- بالنسبة للعقوبات الأصلية الجنحية تقررت في الفصول 248-249-251 من القانون الجنائي فتكون العقوبة من 1-5 على المرتشي و الراشي على حد سواء أما في المشاريع الخاصة فالعقوبة ما بين 1-3 سنوات أما العقوبات الأضافية فنص عليها الفصل 255 و 256 من القانون الجنائي وهي المصادرة والحرمان من بعض الحقوق المشار إليها في الفصل 40 كمزاولة الوظيفة العمومية مثلا لمدة لا تزيد عن 10 سنوات ، ولا يجوز رد الأشياء إلى الراشي بل يتم مصادرتها وتمليكها لخزينة الدولة .
- الفقرة الأولى : الظروف المشددة في جريمة الرشوة
- إذا كان الغرض من الرشوة القيام بعمل يشكل جناية في القانون فالعقوبة المقررة لتلك الجناية تطبق على المرتشي ، إذا كانت رشوة أحد رجال القانون أدت إلى صدور حكم بعقوبة جناية ضد المتهم فإن هذه العقوبة تطبق على المرتشي . واساس التشديد أن العقوبة من جنس العمل .
- إذا كانت قيمة المقابل في الرشوة تفوق مائة الف درهم : الفصل 248 من القانون الجنائي العقوبة من 5-10 سنوات حبسا وغرامة 5000 مليون درهم و عقوبة جريمة الرشوة تختص بالنظر فيها غرفة الجنايات بمحكمة الاستيناف .
- الفقرة الثانية : الأعذار المعفية من جريمة الرشوة
- حسب الفصل 251 من القانون الجنائي يعفى الراشي الذي يقوم بالتبليغ عن جريمة الرشوة قبل تنفيذ الطلب المقدم إليه من الموظف أو في حالة إثبات أنه كان مضطرا لتقديمها .
- والراشي وحده المستفيد من الاعفاء شرط تبليغ السلطات او اثبات الاضطرار فتنتفي عنه صفة الراشي والهدف من سياسة التجريم هاته هو تحفيز الأشخاص على التبليغ عن الرشوة والكشف عن المرتشين.
- المبحث الثاني : جريمة الاعتقال التعسفي أوالتحكمي
- تدخل في باب الشطط في استعمال السلطة فهي جريمة تمس حرية المواطنين والموظف مكلف بحمايتها الأنها محمية من الدستور وهو رأس الترسانة القانونية .
- الفصل 23 من الدستور لا يجوز القاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته او ادانته الا في الحالات وطبقا للاجراءت التي ينص عليها القانون .
- الاعتقال التعسفي أو السري أو الاختفاء القسري من أخطر الجرائم وتعرض مقترفها لأقسی العقوبات . كما أن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب تحمي الحرية الشخصية وتمنع الاعتقال التعسفي ، الفصل 1 من من القانون الجنائي كل منهم أو مشتبه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا غلى أن تثبت إدانته .
- القانون الجنائي لم يعرف الاعتقال التعسفي لكن الفقه عرفه بأنه كل اعتقال لا يحترم الاجراءات والشروط والضوابط التي وضعها المشرع سواء كان اعتقالا احتياطيا أو حراسة نظرية أو سلب للحرية .
- المطلب الأول : الأركان الخاصة لجريمة الاعتقال التعسفي أو التحكم
- الفقرة الأولى : الركن القانوني لجريمة الاعتقال التعسفي أو التحكم
- نجده في الفصل 225 من القانون الجنائي " كل قاض أو موظف عمومي أو أحد رجال السلطة أو القوة العمومية يأمر أو يباشر بنفسه عملا تحكميا ماسا بالحريات الشخصية .. يعاقب
بالتجريد من الحقوق الوطنية "
وقد حدد المشرع صفة الفاعل في القاضي أو الموظف العمومي أو رجال السلطة أو القوة العمومية .
الفقرة الثانية : الركن المادي لجريمة الاعتقال التعسفي أو التحكم
ويتكون من عنصرين :
1- التصرف الماس بالحرية الفردية :
طبقا المقتضيات الفصل 225 هو المس بالحرية الفردية ويتخذ شكل اعتقال تعسفي أو تحكمي وهو الركن المادي للجريمة ويكون تعسفيا كلما كان لا يبرره القانون أو بدون أمر السلطات العامة أو منعه من التجول أو الاستقرار أو التصويت أو الترشيح أو الحرمان من الوظائف العمومية أو حرية الاجتماع أو تأسيس الجمعيات وبصفة عامة هو كل مساس بحرية الفرد .
2- صفة الجاني :
طبقا للفصل 225 يشمل القضاة و وكلاء الملك ونوابهم والشرطة القضائية ومفتشي الشرطة ورجال الأمن . ويكون التصرف بدافع شخصي او لتحقيق مصلحة شخصية .
الفقرة الثالثة : الركن المعنوي لجريمة الاعتقال التعسفي أو التحكم
وتقتضي القصد الجنائي أي القصد الاجرامي اتجاه الشخص وحرمانه من حريته إما بعدم احترام الشكليات القانونية أو التصرف في مجال ليس من ضمن الاختصاص أو الجهل بالقانون ، لكن العلم بالقانون مفترض بالقائمين على تطبيقه وإذا كان لايعذر أحد بجهله بالقانون فكيف يعذر رجال القضاء والسلطة بجهلهم للقانون .
المطلب الثاني : عقوبة الاعتقال التحكمي والظروف المؤثرة
حسب الفصل 225 من القانون الجنائي عقوبته هي التجريد من الحقوق الوطنية وهي عقوبة جنائية نظرا لخطورة العمل التحكمى الماس بحرية الأشخاص المحمية دستوريا ونفس الحكم يطبق على الرئيس الذي يأمر المرؤوس بالعمل التحكمي أما إذا كان الغرض ذاتي أو أهواء شخصية فتطبق العقوبة المقررة في الفصول 436 إلى 440 من القانون الجنائي كما تنضاف إلى ذلك مسؤولية مدنية شخصية على عاتق مرتكبها .
الفقرة الأولى : الظروف المشددة
حسب الفصل 225 من القانون الجنائي التجريد من الحقوق المدنية لكن في حالة إرضاء أهواء ونزعة فردية يمكن أن تصل العقوبة إلى الاعدام حسب الفصل 438 من القانون الجنائي عند وجود تعذيب بدني .
الفقرة الثانية : الاعذار المخففة أو المعفية
يستفيد من التخفيف كل من وضع حدا من تلقاء نفسه للحبس أو الحجز التعسفي وهو في حالة صحية جيدة ، ويعفى المرؤوس في حالة إطاعته لأوامر الرئيس حسب الفصل 225 من القانون الجنائي.
يبقى أن عقوبة الحرمان من الحقوق الوطنية عقوبة قاسية ولا تطبق عادة ذلك أن الحرمان من الحقوق المدنية أمر عادي في بعض الأحيان ولا تستوجب الحرمان من الحقوق الوطنية فعلى المشرع الأخذ بالواقعية ووضع عقاب يناسب الجريمة عوض عقاب شامل لكل الاعتداءات على الحرية الفاردية من يجال السلطة أو الأمن .
المبحث الثالث : جريمة انتهاك حرمة منزل
للمنزل مكانة خاصة ، قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها " النور ، واهتمت كل الدساتير والمواثيق الدولية بحماية المسكن واحترام خصوصياته ولا يقتحم او يفتش إلا طبقا للإجراءات المنصوص عليها في القانون .
من خلال فصل 230 من القانون الجنائي حرم المشرع اقتحام أي بيت من طرف موظف عمومي أو إداري أو قضائي أو شرطي أو رجل سلطة أو قوة عمومية دون احترام للإجراءات القانونية المنصوص عليها قانونا يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون .
وليس المسكن فقط بل توابعة أيضا کالساحة والحديقة أو المخزن أو اقتحام السياج .
المطلب الأول : الأركان الخاصة
الفقرة الأولى : الركن القانوني لجريمة انتهاك حرمة منزل
جرمه الفصل 230 من القانون الجنائي بقوله " كل قاض أو موظف أو ... يدخل مسكن أحد الأفراد رغم عدم رضاه في غير الأحوال التي قررها القانون يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة " .
الفقرة الثانية : الركن المادي لجريمة انتهاك حرمة منزل
يتالف من 3 عناصر :
1- فعل مادي وهو دخول الموظف العمومي بهذه الصفة مسكن الغير
2- دخوله في غير الحالات التي قررها القانون
3- انعدام رضي صاحب البيت
الفقرة الثالثة : الركن المعنوي لجريمة انتهاك حرمة منزل
ويتجلى في القصد الجنائي .
المطلب الثاني : عقوبة جريمة انتهاك حرمة منزل
عاقب عليها القانون من شهر إلى سنة حبسا مع غرامة ما بين 200-500 درهم ويعفى في حالة إطاعة الأوامر العليا وفي هذه الحالة تطبق العقوبة على الرئيس الذي أصدر الأمر ، الفصل 230 من القانون الجنائي أما اقتحام منزل من طرف شخص عادي غير موظف فيخضع للفصل 441 من القانون الجنائي .
المبحث الرابع : جريمة التعذيب
المتهم بريء حتى تثبت إدانته وله الحق في معاملة حسنة خلال الاجراءات القضائية والإدارية .
وجريمة التعذيب هي أكبر انتهاك لحقوق الإنسان ، وقد صدر سنة 2006 قانونا يتعلق بتجريم ممارسة التعذيب ويدخل في باب شطط الموظفين وسوء استعمال السلطة .
كما أن الدستور نص صراحة على منع التعذيب في الفصل 22 من الدستور أما الفصل 231 من القانون الجنائي فقد عرفه " كل فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدي أو نفسي يرتكبه عمدا الموظف العمومي أو يحرض عليه أو يسكت عنه أو يوافق عليه في حق شخص لتخويفه أو إرغامه للإدلاء بمعلومات أو اعترافات ".
المطلب الأول : الأركان الخاصة بجريمة التعذيب
الفقرة الأولى : الركن القانوني في جريمة التعذيب
جرمه القانون رقم 04. 43 والفصل 231 من القانون الجنائي .
الفقرة الثانية : الركن المادي في جريمة التعذيب
وهو كل فعل مادي يحدث ألما ماديا أو معنويا فالفصل 231 من القانون الجنائي يعطي صورتين للتعذيب وهما : الشروع في التعذيب و الأمر بالتعذيب .
- الشروع في التعذيب فيتخذ شكلا ماديا أو معنويا ايجابيا أو سلبيا ويتخذ شكل تهديد أو تخويف أو موافقة أو مباركة أو تحريض أو فعل .
- الأمر بالتعذيب فيصدر عن الرئيس إلى المرؤوس عن طريق تعليمات لاعتماد التعذيب كوسيلة ، أما في حالة الوفاة من جراء التعذيب فقد تطرق إليها الفصل 231-6 من القانون الجنائي .
الفقرة الثالثة : الركن المعنوي في جريمة التعذيب
حين يكون العمد الجنائي .
المطلب الثاني : عقوبة جريمة التعذيب
الفقرات 8/7/6/5/4/3/2/1 من الفصل 231 من القانون الجنائي كلها تنص على عقوبات قاسية لمن يمارس التعذيب من الموظفين العموميين للدولة في حق الاشخاص تتراوح ما بين 5 سنوات سجنا إلى المؤبد وذلك لتحصين البلد من الرجوع لسنوات الرصاص والاختطاف والتعذيب .
الفرع الثاني : الجرائم المرتكبة من قبل الأفراد ضد النظام العام
المبحث الأول : جريمة إهانة موظف عمومي والاعتداء عليه
تعتبر جريمة على اعتبار توفير الحماية لممثلي الدولة ، ولكن ليس كل ممثلي الدولة بل فقط الذين حددهم الفصل 263 وهم الذيم يتمتعون بسلطة اصدار الأوامر وليس الموظفين كالمعلمين مثلا وتكون أثناء أداء واجباتهم المهنية .
المطلب الأول : الأركان الخاصة لجريمة إهانة موظف والاعتداء عليه
الفقرة الأولى : الركن القانوني لجريمة إهانة موظف والاعتداء عليه
يتمثل في حماية المصلحة العامة من خلال تعزيز وقار الموظف واحترامهم من طرف الناس ، فالفصل 263 من القانون الجنائي يقول : يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 200 إلى 5000 درهم كل من أهان أحدا من رجال القوة العمومية أثناء قيامهم بوظائفهم بأقوال أو إشارات أو تهدیدات ...."
كما تتحقق الاهانة عند تقديم معلومات خاطئة لرجال السلطة أو أدلة زائفة .
الفقرة الثانية : الركن المادي لجريمة إهانة موظف والاعتداء عليه
هو وقوع فعل الاهانة ويتحقق بالوسائل المذكورة في الفصل 263 من القانون الجنائي وهي الأقوال ، الإشارات، ارسال أشياء ، الكتابة ، الرسوم . ضد القضاة، القوة العمومية، الموظفون العموميون.
الفقرة الثالثة : الركن المعنوي لجريمة إهانة موظف والاعتداء عليه
القصد الجنائي ، المتمثل في النية الإجرامية وإرادته في المساس بشعور واحترام القضاة أو الموظفون أو رؤساء ورجال القوة العمومية .
المطلب الثاني : عقوبة جريمة إهانة موظف عمومي والاعتداء عليه
تعاقب حسب الفصل 263 من القانون الجنائي من شهر إلى سنة حبسا وغرامة ما بين 200 و 5000 درهم . ترفع العقوبة إذا طالت أحد رجال القضاء أو المحلفين أثناء الجلسة من سنة إلى سنتين سجنا .
وتكون ظروف التشديد في حالة العنف وإيذاء الموظف العمومي .
المبحث الثاني : جريمة العصيان
يعرفه الفقه الجنائي هو كل مقاومة بواسطة العنف في وجه رجال السلطة العمومية أثناء قيامهم بوظائفهم ، وبعبارة مفتوحة هي كلثورة أو مقاومة ضد أوامر السلطة ، وموظف السلطة أكثر شخص معرض لعصيان الناس بسبب المهمات الصعبة الملزم بتنفيذها .
المطلب الأول : الأركان الخاصة لجريمة العصيان
الفقرة الأولى : الركن القانوني
ويتمثل في النص القانوني ويعاقب عليه الفصل 300 من القانون الجنائي و الفصل 304 من القانون الجنائي .
الفقرة الثانية : الركن المادي
الفعل الذي يحقق الاعتداء ويتكون منفعل الهجوم أو المقاومة بالعنف او التهديد ضد موظفي السلطة العمومية .
الفقرة الثالثة : الركن المعنوي
القصد الجنائي والإدراك أن المقاومة مخالفة للقانون .
المطلب الثاني : عقوبة جريمة العصيان
تختلف باختلاف المرتكبين لها واستعمال السلاح من عدمه ، فإذا وقعت في حق شخص أو شخصين تكون العقوبة من شهر إلى سنة حبسا بينما إذا كانت لأكثر من شخصين فالعقوبة من سنة إلى 3 سنوات
الفقرة الأولى : الظروف المشددة
شدد المشرع العقوبة في حالة استعمال السلاح أثناء العصيان فيكون العقاب من 3 أشهر إلى سنتين ومن 2-5 اذا كان في الاجتماع أكثر من شخصين أما المعترضين على اشغال عمومية العقاب بالحبس من 3 أشهر إلى سنتين .
الفقرة الثانية : الاعذار المعفية
الفصل 306 من القانون الجنائي المساهمة بالعصيان دون القيام باي وظيفة أو عمل وانسحبوا مع أول إنذار من السلطة العامة .
الفصل الرابع : الجرائم الماسة بالأشخاص
النفس البشرية ذروة ما يهتم به القانون الجنائي فهي تأتي في مقدمة القيم التي يسعى إلى حمايتها وصيانتها من القتل والايذاء والتهديد ، سنبحث جريمة القتل العمد ثم القتل الخطأ ثم الجرائم الماسة بالسلامة الجسدية .
المبحث الأول : جريمة القتل العمد
نص على جريمة القتل العمد الفصل 392 من القانون الجنائي " كل من تسبب عمدا في قتل غيره يعد قاتلا ويعاقب بالسجن المؤبد "
تعريف القتل العمد :
قيام إنسان بإزهاق روح عمدا الأخر بدون مبرر شرعي .
المطلب الأول : الأركان الخاصة لجريمة القتل العمد
الفقرة 1: الركن المادي لجريمة القتل العمد
لا بد أن يتخلف نشاط الجاني في جريمة القتل عن نتيجة إجرامية وتكون علاقة سببية بين النشاط و النتيجة ، فالبنية المادية تتطلب الجريمة القتل العمد ثلاثة عناصر أساسية :
1- نشاط صادر عن الجاني : وهو سلوك إرادي ملموس في العالم الخارجي تسبب في ازهاق روح انسان بغض النظر عن الوسيلة المستعملة ، وقد يتخذ صورة ايجابية كالضرب بالعصا أو الطعن بالسكين أو الخنق أو التسميم ، وقد يتخذ صورة سلبية كالامتناع عن الاغاثة .
2- تحقق النتيجة : فجيب ترتب نتيجة اجرامية وهي موت الضحية على هذا النشاط الإجرامي ولهذا لا تقوم جريمة القتل في حق من يقتل حيوانا .
3- وجود علاقة سببية بين نشاط الجاني والنتيجة الإجرامية : أي وجوب ارتباط النتيجة الإجرامية وهو موت الضحية بنشاط الجاني أي ارتباط السبب بالمسبب .
وحين انتفاء هذه العلاقة السببية تنتفي مسؤولية المتهم إذا كانت جريمته غير عمدية أما إذا كانت عمدية فتتحدد مسؤوليته في إطار المحاولة التي أفرد لها المشرع نصوصا خاصة .
والحكم الذي يغفل بیان العلاقة السببية يعد حكما قاصر التعليل و يتوجب نقضه .
الفقرة 2 : الركن المعنوي لجريمة القتل العمد :
ويتطلب هذا الركن توجه إرادة الجاني إلى إزهاق روح الضحية ، بينما الدوافع الجنائية لا تأثير لها على وجود القصد الجنائي كالحسد مثلا أو الانتقام ، وينتفي القصد الجنائي متى انتفي عنصر العلم والارادة لدى الفاعل كأن يطلق النار على انسان معتقدا أنه حيوان .
المطلب الثاني : الظروف المشددة في القتل العمد
1- سبق الاصرار في القتل العمد :
عرفه الفصل 394 من القانون الجنائي " العزم المصمم عليه قبل وقوع الجريمة ، على الاعتداء
على شخص معين "
بمعنى أن الفكرة خطرت على بال الجاني وسيطرت على نفسه وانتهت بالتصميم على ارتكاب الجريمة بعد تقليب الامر ، وعلة المشرع على تشديد العقاب هنا هو الفعل المصمم عليه فالذي يفكر تفكيرا هادئا في الجريمة بعيدا عن أي ظرف من ظروف لغضب والضغط فهو شخص خطير يهدد أمن المجتمع لذلك يعاقب بالاعدام حسب الفصل
393 من القانون الجنائي " القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد يعاقب عليه بالاعدام " .
2- الترصد في القتل العمد :
عرفه الفصل 395 من القانون الجنائي : الترصد هو التربص فترة طويلة أو قصيرة في مكان واحد أو أمكنة مختلفة بشخص قصد قتله " وانطلاقا من هذا الفصل لا بد من توفر عنصر الزمن أي فترة طويلة أو قصيرة للترصد ثم عنصر المكان سواء واحد أو متعدد منتظرا الفرصة .
3- التسميم في القتل العمد :
العقوبة هي الإعدام حسب الفصل 398 من القانون الجنائي ، فصاحبها تجتمع فيه كل صفات الرذيلة والدناءة والخيانة وهي جريمة شكلية لا يشترط فيها حدوث نتيجة فالعقاب دائما الاعدام .
4- قتل أحد الأصول :
الاعدام حسب الفصل 396 من القانون الجنائي " من قتل عمدا أحد اصوله بعاقب بالاعدام "
وفي حالة المساهمة أو المشاركة يعاقب السجن المؤبد ، ومع ذلك قد تحضر ظروف تخفيف
في حالة تدخل ولد لمنع أب مخمور من الاعتداء على افراد الاسرة .
5- اقتران القتل بجناية :
الفصل 392 من القانون الجنائي فيعاقب بالاعدام في حالة القتل إذا سبقته أو صحبته أو
اعقبته جناية أخرى ، مثلا اختطاف قاصر ثم قتله ، ويشترط هنا شرطين أن تكون جناية
معاقب عليها وأن تكون جريمة قائمة بذاتها ومستقلة بأركانها عن جريمة القتل .
6- ارتباط القتل العمد بجناية أو جنحة :
وهذا الارتباط لا يتحقق إلا إذا ارتكب الجاني جناية أو جنحة يعتقد أنه لا يمكنه ارتكابها الا بقتل الضحية التي يشكل وجودها عقبة أمام جريمته .
المطلب الثالث : الاعذار المخففة في القتل العمد
باستثناء قاتل اصوله فقد خفف المشرع الجنائي عقوبة القاتل عمدا من السجن المؤبد أو الإعدام إلى السجن المحدد كلما توفرت أحد الأعذار القانونية التالية :
1- الاستفزاز :
نص عليه الفصل 416 من القانون الجنائي " يتوفر عذر مخفف للعقوبة إذا كان القتل أو الجرح أو الضرب قد ارتكب نتيجة استفزاز ناشئ عن اعتداء بالضرب أو العنف " والتخفيف هنا هو تلك الحالة النفسية التي تتولد لدى من يقع تحت العنف والضرب فيفقد توازنه النفسي ويقع منه جريمة القتل ، والشرط هنا هو العنف الجسيم ثم عدم مشروعية الضرب والعنف الجسيم فمثلا لا يمكن قتل الشرطي أثناء تقييد أو اعتقال مجرم ما، والشرط الثالث هو توجه رد الفعل إلى المستفيد لا إلى غيره ، والشرط الرابع هو رد الفعل المباشر وليس بعد مدة .
و القتل بعلة الدفاع الشرعي يكون أثناء التعرض للعنف بينما القتل بفعل الاستفزاز فيكون بعد انتهاء العنف الواقع الأمشروع . والقضاء هو الذي يقدر هذه الحالة من عدمها .
2- القتل المرتكب نهارا لدفع الاعتداء ضد المنزل :
نص عليه الفصل 417 ، وتحضر هنا ظروف التخفيف لأن الدخول إلى منزل الغير لا يكون إلا لسبب غير شرعي فغالبا ما يكون القتل أو السرقة أو الاغتصاب . ولا بد أن يكون قد اقتحم المنزل وليس بجواره حتى لو عرف أنه يخطط لدخول البيت فيجب انتظار دخوله .
3- قتل الزوج زوجته في الخيانة الزوجية :
هي العلاقة الجنسية الغير المشروعة من أحد طرفي عقد الزواج ، ويتمتع الزوج هنا بظرف تخفيف بموجب الفصل 418 من القانون الجنائي ، ولا بد من شروط أولها أن يكون أن يكون زوجا وليس مطلقا ، والشرط الثاني هو عنصر المفاجأة الذي يولد لدى الزوج شعورا غاضبا من فعل الخيانة الزوجية فيتصرف بغضب وإذا غاب عنصر المفاجأة لا يتمتع الزوج بظروف التخفيف .
4- قتل الأم لطفلها الوليد :
بموجب الفصل 397 من القانون الجنائي يحضر ظرف التخفيف بشروط وجود علاقة أمومة ثم أن يكون الطفل وليدا ثم أن لا تستفيد الأم القاتلة بل يكون القتل ذو طبيعة شخصية .
المبحث الثاني : جريمة القتل الخطأ
اتسع نطاق هذه الجريمة بسبب تطور الحياة و ظهور حوادث السير وألات المعامل وغيره ، وقد نص عليها الفصل 432 من القانون الجنائي بعقوبة من 3 أشهر إلى 5 سنوات وغرامة بين 250 إلى 1000 درهم .
المطلب الأول : الأركان الخاصة لجريمة القتل الخطأ
الفقرة 1 : الركن المادي لجريمة القتل الخطأ
على غرار القتل العمد يستلزم قيام الركن المادي لجريمة القتل 3 شروط
1- صدور نشاط من الجاني : وهو حدوث الوفاة بفعل نشاط الجاني دون قصد.
2- النتيجة الاجرامية : أي موت الضحية بفعل نشاط الجاني .
3- العلاقة السببية : بين نشاط الجاني والنتيجة أي موت الضحية .
الفقرة 2 : الركن المعنوي لجريمة القتل الخطأ
يشترط هنا إتيان الجاني سلوكا خاطئا عن إرادة ووعي لكن دون نية القتل وقد عدد الفصل 432 من القانون الجنائي صور الخطأ في 5 صور هي :
1- عدم التبصر : فيقع القتل لسوء تقدير ، غالبا مهني ، كالاطباء أو الصيادلة .
2- عدم الاحتياط : يحدث ذلك خلال طيش أو قلة تحرز ، كالمزاح بالمسدس .
3- عدم الانتباه : وهو الخفة والسرعة كمن يقود كلبا شرسا ثم يفلت منه ويقتل الغير .
4- الاهمال : وهو عدم العناية اللازمة كمن يترك سيارته دون ضبط فرامل فتنزلق لتقتل شخصا .
5- عدم مراعاة النظم والقوانين : وهي مخالفة القانون كمن يدخن في محطة بنزين . والمعيار الذي به نميز عدم الاحتياط او الاهمال هو معيار شخصي أو معيار موضوعي ، فالمعيار الشخصي يقاس ب السلوك الصادر عن الفاعل في ظروف معينة وفقا للسلوك المعتاد أما المعيار الموضوعي فقوامه قیاس سلوك المتهم بسلوك شخص عادي يتصرف بالقدر المألوف .
المطلب الثاني : عقوبة جريمة القتل الخطأ والظروف المؤثرة
الفقرة 1: الظروف المشددة في جريمة القتل الخطأ
حسب الفصل 434 من القانون الجنائي تشدد عقوبة لجريمة القتل العمد في حالة السكر أو الفرار من حادث .
الفقرة 2 : الاعذار المخففة لجريمة القتل الخطأ
طبقا للفصل 149 من القانون الجنائي آذا تبين للقاضي من خلال ظروف وأحوال النازلة .
المبحث الثالث : الجرائم الماسة بالسلامة الجسدية
جرم المشرع كل الجرائم الماسة بسلامة الإنسان البدنية وبصحته وبشخصه عموما .
المطلب الأول : جريمة الاذاء العمدي
هي تلك الجرائم التي يقصد فيها الفاعل إلحاق الأذى بالضحية دون أن يكون القصد منها القتل .
الفقرة 1: الاركان الخاصة لجريمة الاذاء العمدي
نظمها الفصل 401-402 من القانون الجنائي .
أولا : الركن المادي لجريمة الاذاء العمدي
جرائم الايذاء عموما كانت عمدية أو غير عمدية تشترك كلها في الركن المادي الذي قوامه :
1 - النشاط الإجرامي المؤدي إلى إيذاء الضحية في جسمه أو صحته .
2 - نتيجة اجرامية حاصلة تلحق الاذى بالضحية سببت العجز لأكثر من 20 يوما أو إعاقة دائمة .
3- علاقة سببية بين الجريمة والنتيجة .
ثانيا : الركن المعنوي لجريمة الاذاء العمدي
يتحقق هذا الركن في حالة انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة ، ولا عبرة هنا بالضرب المتبادل فلا مقاصة في الميدان الجنائي بل يعاقب المتشاجران معا بحسب النتائج التي اسفرت عنها المشاجرة .
الفقرة 2 : عقوبة جريمة الاذاء العمدي والظروف المؤثرة
تختلف حسب جناية أو جنحة أو مخالفة
أولا : عقوبة الجناية
1- عقوبة جناية الايذاء العمد المفضي إلى الموت :
نص عليها الفصل 403 من القانون الجنائي بعقوبة السجن ما بين 10-20 سنة وفي حالة الاصرار والترصد أو استعمال السلاح يكون السجن المؤبد.
2- عقاب جناية الايذاء العمد المفضي إلى عاهة مستديمة :
العاهة كل فقد أو تضرر دائم العضو من جسم الإنسان أو نقص قوته أو تقليل مقاومته للطبيعة ، وقد نص الفصل 402 من القانون الجنائي على عقوبة السجن لهذه الجناية من 10-20 سنة وفي حالة كان الضحية أصلا للجاني أو زوجا أو كافلا من 20-30 سنة .
ثانيا : عقوبة الجنح
1- الإيذاء العمد الذي لا يخلف مرضا أو عجزا عن الاشغال الشخصية أو يخلف مرضا أو عجزا
لا تتجاوز مدته 20 يوما :
العقوبة من شهر إلى سنة وغرامة من 200-5000 درهم .
2- الإيذاء العمد الذي ينتج عنه عجز تتجاوز مدته 20 يوما :
بمقتضى الفصل 401 من القانون الجنائي العقوبة الحبس من 1-3 سنوات وغرامة 200-1000 درهم .
ثالثا : عقوبة المخالفات
كل ايذاء لا يترك أثرا على جسد الضحية ولا يلحق به أي ألم کالبصق في الوجه أو امساك ثوبه بشدة أو تحقيره، العقوبة غرامة ما بين 20-200 درهم .
رابعا : الاعذار المخففة لجريمة الاذاء العمدي :
حسب الفصل 416 من القانون الجنائي هي تتشابه مع ظروف التخفيف في الجرائم العمدية كالاستفزاز وغیره.
المطلب الثاني : جريمة الايذاء غير العمد
الفقرة 1: الاركان الخاصة لجريمة الايذاء غير العمدي
جرائم الايذاء كلها تشترك في العدوان على سلامة الإنسان وصحته في جسمه أو شخصه ،
والركن المادي لجريمة الاذاء العمدي هو كل سلوك أو نشاط يؤدي إلى المساس بسلامة الشخص وعافيته ، ولا يختلف هذا الركن المادي عن مثيله في جريمة القتل الخطأ سوى أن في هذه يتم ازهاق الروح بينما هنا لا تحصل الوفاة في جريمة الايذاء غير العمدية .
أما الركن المعنوي لجريمة الاذاء العمدي فهو القصد فإذا انتفي القصد فنحن بصدد الاذاء غير عمدي فالركن المعنوي في جريمة القتل الخطأ هو نفسه في جريمة الايذاء غير العمدي .
الفقرة 2: عقوبة جريمة الايذاء غير العمدي وظروف التخفيف
تطرق إليها المشرع في الفصول 433 و 434 و 435 من القانون الجنائي ففي حالة عجز فوق 6 ایام تكون العقوبة من شهر إلى سنتين وغرامة من 200-500 درهم وتشدد العقوبة في حالة السكر أو محاولا التملص من مسؤولية مدنية أو جنائية ، و إذا قلت المدة عن 6 ایام أو عادلتها فنحن أمام ظرف تخفيف فتصبح هذه الجريمة مخالفة يعاقب عليها القانون الج بالحبس من يوم الى 15 يوما وغرامة 12-200 درهم .
المبحث الرابع : جريمة عدم تقديم المساعدة لشخص في خطر
من الاهداف المثلى للقانون الجنائي تحقيق التكافل والأمن والسلم ، وإذا كان تقديم المساعدة عملا نبيلا أخلاقيا والامتناع عنه يعد عملا مذموما قانونا وشرعا وخلقا فإن هذا العمل ينقلب إلى جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي .
المطلب الأول : الأركان الخاصة بالجريمة عدم تقديم المساعدة
الفقرة 1 : الركن المادي لجريمة عدم تقديم المساعدة
أولا - الامساك عن تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر لا يزال على قيد الحياة ، هذا الخطر قد يكون فيضانا أو غرقا أو صعقا أو اختناقا أو مرضا وعلى الضحية أن يثبت شدة الخطر وأهمية التدخل .
ثانيا - قدرة المتدخل على نجدة المستغيث وثالثا أن لا يكون هذا التدخل يعرض حياة المنقذ للخطر فالذي لا يجيد السباحة لا نطلب منه انقاذ غريق .
الفقرة 2 : الركن المعنوي لجريمة عدم تقديم المساعدة
لا يعاقب عليها القانون الجنائي إلا إذا كانت عمدا بمعنى أنه امتنع اراديا عن تقديم المساعدة وليس بالضروري توفر القصد الخاص أي سوء النية لدى الجاني وإنما يكفي القصد العام وهو الامتناع الإرادي عن المساعدة لتقوم الجريمة .
المطلب الثاني : عقوبة جريمة عدم تقديم المساعدة
ينص الفصل 431 من القانون الجنائي على الحبس من 3 اشهر الى 5 سنوات وغرامة من 200-1000 درهم أو بإحدى العقوبتين، وهنا مجال واسع للتخفيف ونحن هنا أمام جنحة وليس جناية لذلك كانت المحاولة في اطار هاته الجريمة غير معاقب عليها.
الفصل الخامس : جرائم الاعتداء على الأموال
هي جرائم تمس الأموال وتعتدي على مصلحة يمكن تقویمها بالمال أو المس بالحقوق العينية كحق الملكية والحيازة والاموال المنقولة.
ويمكن تقسيم الجرائم الواقعة على الأموال إلى قسمين :
القسم الأول تتجه فيه نية الفاعل إلى الاستيلاء على مال الغير أو تملك ملك الغير كجرائم السرقة والنصب والاحتيال وخيانة الامانة وتقع على حق الملكية باعتباره أشمل الحقوق العينية .
والقسم الثاني هو جرائم لا تهدف إلى الاستيلاء على مال الغير بل تخريبه وافساده والاضرار به كالحرق والتخريب .
المبحث الأول : الطبيعة القانونية للجرائم الماسة بالاموال والأركان الخاصة لجريمة السرقة
خصص المشرع لجرائم السرقة فصولا ما بين 505 و 539 من القانون الجنائي حيث تتخذ صورا مختلفة لكننا سنتناول فقط جرائم السرقة المنصوص عليها في الفصل 505 من القانون الجنائي الذي جاء فيه " من اختلس عمدا مالا ملوكا للغير يعد سارقا ويعاقب من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 200 إلى 500 درهم " .
المطلب الأول : الطبيعة القانونية للجرائم الماسة بالاموال
تتزايد وثيرة ارتكاب هذه الجرائم وقد تدخل المشرع الجنائي من أجل الحد منها .
الفقرة 1: مفهوم جرائم الاعتداء على الأموال
هي الجرائم التي تنال بالاعتداء الحقوق ذات القيمة المالية وكل حق ذو قيمة اقتصادية ويدخل في دائرة التعامل ، وتعامل القانون الجنائي مع الاموال غیر تعامل القانون المدني حتى مفهوم العقار والمنقول يختلف في القانونين والحماية الجنائية للاموال تأخذ بالنطاق الواسع لحق الملكية التي تشمل سائر الاموال التي يثبت للشخص عليها حقوق معينة ، بخلاف الدلالة التي يفيدها هذا المفهوم في القانون المدني ، حق الملكية ، والتي ينصرف حق استعمال الشيء والانتفاع به والتصرف فيه .
الفقرة الثانية : الأحكام العامة لجرائم الاعتداء على الأموال
على مستوى الفعل المجرم يتبين أن الجرائم الواقعة على الأموال تفترض وجود أشياء قابلة للتملك وهي التي ينصب عليها النشاط الإجرامي للفاعل ، ولا يتصور مثلا سرقة انسان أو أن يسرق الشخص نفسه ، أما على مستوى الضرر فليس كل ضرر على الأموال يعاقب عليه فأغلب الأضرار على الأملاك العقارية أو بعض الاعتداءات على المنقولات يتم جبرها عن طريق الاحتكام إلى قواعد المسؤولية المدنية ولايتقرر تجريم الاعتداء إلا في الحالات التي يقدر فيها المشرع ضرورة تعزيز الجزاءات المدنية بأخرى جنائية .
المطلب الثاني : الاركان الخاصة لجريمة سرقة
الفقرة 1: الشرط المفترض أو المال المسروق
الشرط المفترض هو المركز القانوني الذي تحميه القاعدة الجنائية وهو بطبيعته سابق على أركان الجريمة ومستقل عن نشاط فاعلها ، ولا يتصور وقوع السرقة بدون الشرط المفترض ، وعليه فلا تقوم جريمة السرقة على مطلق الأشياء وإنما عندما تقع على ملكية الغير الذي يجب أن يكون مالا ويجب أن يكون منقولا ويجب أن يكون مملوكا للغير .
1 - صفة المال في محل السرقة :
يشترط أن يكون مالا والمال هو كل شيء مادي قابل للتملك وله قيمة مالية ويدخل في عناصر الذمة المالية للشخص .
2- صفة المال المنقول :
كل مال يمكن نقله يسمی منقولا بينما العقارات لا يمكن نقلها 3- ملكية الغير للمال المختلس : فلا يعاقب من سرق مالا ثم اكتشف أنه يعود له .
الفقرة 2 : الركن المادي في السرقة ، أو فعل الاختلاس
هذا المفهوم يبقى غير محدد الدلالة في يشترك فيه السارق والموظف والخائن للامانة .
أولا : تعريف الاختلاس
عرفه البعض بأنه الاستيلاء على مال الغير خفية دون علم صاحبه .
ثانيا : عناصر الاختلاس
1- سلب الجاني للمال بإخراجه من حيازة المجني عليه وإضافته لحيازته
2- إخراج المال من حيازة المجني عليه دون رضاه .
ثالثا : التسليم النافي للاختلاس
تسليم المال إلى الشخص يحول دون توافر ركن الاختلاس في حقه ونتحدث هنا عن التسليم الناقل للحيازة وليس ما يطلق عليه " تمكين اليد العارضة ".
رابعا : متى يعتبر الاختلاس تاما ؟
جريمة السرقة هي جريمة فورية ويترتب عن ذلك أن التقادم يبتدئ من لحظة غصب الحيازة ، ويعتبر الركن المادي للسرقة تاما إذا تحققت جميع عناصره أي بمجرد خروج الشيء المسروق من حيازة المجني عليه إلى حيازة الجاني ، وسيطرته عليه حتى ولو لم يضعه في مكانه المعد له ، أما قبل ذلك فهي مجرد شروع ، وتمام القول أن تمام السرقة من عدمه أمر يقرره القاضي بناء على تقديره مستعينا بالظروف الموضوعية والملابسات التي يستفاد منها أن الجاني قد توصل بالفعل إلى إخراج الشيء من حيازة المجني عليه واصبح خاضعا لسيطرته .
وتجدر الاشارة إلى أن ما يفرق بين جرائم السرقة والنصب وخيانة الامانة هو الوسيلة التي يلجأ إليها الجاني للحصول على مال الغير ففي السرقة ينتزعه بغير رضى صاحبه وفي النصب يحصل عليه باختيار المجني عليه ولكن تحت تأثير طرق احتيالية وفي خيانة الامانة يغير الجاني نيته في حيازة الشيء من حيازة وقتية إلى حيازة كاملة بقصد التملك ، يضاف إلى ذلك أن السرقة تقع كاعتداء على الحيازة والملكية أما النصب وخيانة الامانة فكلاهما ينصب على الملكية وحدها حيث يسلم المجني عليه المال إلى الجاني ففي النصب يجري نتيجة الاحتيال وفي خيانة الامانة يجري بناء على الائتمان وفي كليتا الحالتين لا يكون ثمة عدوانا على الحيازة .
الفقرة الثالثة : القصد الجنائي لجريمة سرقة
جريمة السرقة هي من الجرائم العمدية يلزم توافر القصد الجنائي فيها بأن تتجه إرادة الجاني إلى اقتراف جريمة السرقة مع علمه بحقيقتها ، فهل يشترط القصد العام أم القصد الخاص ؟
أولا : مفهوم القصد الجنائي في جريمة السرقة
يتحقق القصد الجنائي بانصراف إرادة الجاني إلى اختلاس المال المنقول على الرغم العلم بأنه مملوك اللغير ، وعليه فالقصد الجنائي يقوم على عنصرين :
1- الارادة : وهو توجه إرادة الجاني إلى الاستيلاءعلى المال والظهور بمظهر المالك .
2- العلم : هو أن يكون على علم أن هذا الشيء المنقول هو في ملكية الغير وأن هذا الاختلاس بدون علم المالك .
وبهذا يتضح أن ركن الاختلاس کرکن مادي في جريمة السرقة فضلا عن القصد الجنائي العام بعنصريه الإرادة والعلم كركن معنوي فيها يغنيان عن القصد الجنائي الخاص ما دام يشملان معا عنصر نية تملك الشيء المسروق والظهور بمظهر المتملك .
ثانيا : معاصرة القصد لفعل الاختلاس
من القواعد المقررة في نظرية القصد الجنائي ضرورة اقتران أو معاصرة القصد للفعل أما إذا كان القصد لاحقا فلا عبرة به فإذا كان الشخص وقت حيازة الشيء يجهل أنه مملوك للغير فإن جريمة السرقة لا تتوفر في حقه لانتفاء القصد الجنائي حتى لو تبين لاحقا حقيقة ملكيته من طرف شخص آخر وعلة ذلك أنه تم الاستيلاء على حيازة اشيء بركنيها المادي والمعنوي في وقت انتفى فيه العلم بعنصر في الجانب المادي للجريمة وهو أن المال مملوك للغير فينتفي بذلك القصد الذي يتعين أن يعاصر الاستيلاء على الحيازة بركنيها .
المبحث الثاني : عقوبة جريمة السرقة
حسب الفصل 505 من القانون الجنائي ، اعتبر المشرع المغربي جريمة السرقة البسيطة جنحة وعاقب عليها بالحبس من سنة إلى 5 سنوات وغرامة من 200-500 درهم ، والمحاولة بنفس العقوبة ، فضلا عن حرمان الجاني من أحد الحقوق الوطنية ، إلا أن العقاب على السرقة يصبح خارج هذه الصورة البسيطة ويصبح أكثر تعقيدا حينما يقترن بظروف معينة فيتأثر العقاب تشديدا أو تخفيفا .
المطلب الأول : ظروف تشديد في جريمة سرقة
من خلال الفصول 507 إلى 510 ظروف التشديد تكون ذات طبيعة شخصية مثل خادم أو مستخدم وبعضها ذو طبيعة موضوعية كاستخدام العنف والتهديد بالسلاح واعتراض الطرق العمومية .
1- الظروف المعاقب عليها من 5-10 سنوات :
الفصل 510 من القانون الجنائي ، حالة ظرف واحد من الظروف الاتية :
في حالة استعمال العنف أو التهديد به أو التزيي بزي السلطة أو انتحال وظائف السلطة ، وقوعها ليلا ، ارتكابها من طرف شخصين أو أكثر ، استعمال التسلق أو الكسر أو نفق أومفاتيح مزورة ، سرقة شيء يتعلق بسلامة وسائل النقل العام والخاص .
2- الظروف المعاقب عليها من 10 إلى 20 سنة :
نص عليها الفصل 509 من القانون الجنائي المتعلقة بالسرقات التي تقترن بظرفين على الأقل من الظروف الاتية : وهي استعمال العنف أو التهديد به أو التزيي بزي نظامي أو انتحال وظيفة من وظائف السلطة ، وقوعها ليلا ، ارتكابها من طرف شخصين أو أكثر ، استعمال التسلق أو نفق أو کسر الأختام ، استعمال ناقلة ذات محرك لتسهيل السرقة والهروب ، السارق خادم أو مستخدم أو أجير أو عاملا أو متعلما لمهنة .
3- الظروف المعاقب عليها من 20-30 سنة :
الفصل 508 من القانون الجنائي ، وهي السرقات التي تحصل في الطرق العمومية أو ناقلات أشخاص أو بضائع أو السكك الحديدية أو الموانئ أو المطارات فإذا اقترنت بظرف واحد من الظروف المشددة في الفصل 509 من القانون الجنائي يعاقب عليها بالسجن من 20-30 سنة ، والعقوبة القاسية من أجل استتباب الأمن في الطرق والسلامة للمسافرين .
4- الظروف المعاقب عليها بالسجن المؤبد :
نص عليها الفصل 507 إذا كان السارقون أو أحدهم حاملا للسلاح حسب مفهوم الفصل 303 سواء ظاهرا أو خفيا حتى لو ارتكب الجريمة شخص واحد وبدون أي ظرف آخر من ظروف التشديد ، والتشديد هنا لأن وجود السلاح مع الجاني يبرر ما لديهن عزم على الاعتداء على الأشخاص زيادة على سرقتهم .
المبحث الثاني : الأعذار القانونية في جريمة السرقة
الفقرة 1: الاعذار القانونية المخففة لجريمة سرقة
هي موضوعة لحالات رأى المشرع أن لا يعفي السارق كليا من العقاب ولكن النزول عن العقوبة المقررة في الفصل 505 من القانون الجنائي مخففا بذلك على السارق ، وقد حددها في حالتين أساسيتين :
1- سرقة الأشياء زهيدة القيمة :
نص على ذلك الفصل 506 من القانون الجنائي ، فيعاقب عليها من شهر إلى سنتين وغرامة ما بين 200-250 درهم ، على أنه إذا اقترنت بظرف من الظروف المشددي في الفصل 507-510 من القانون الجنائي طبقت العقوبات المشددة .
2- سرقة المحاصيل الفلاحية :
نص عليها المشرع في الفصول ما بين 518-519 من القانون الجنائي ، فيعاقب بالحبس من 15 يوما إلى سنتين و غرامة من 200-250 درهم .
وإذا ارتكبت ليلا أو عدة أشخاص أو الاستعانة بناقلات أو دواب فالحبس من 1-5 سنوات وغرامة من 200-500.
الفقرة 2 : الأعذار القانونية المعفية من جريمة السرقة
وتعود في حالات القرابة : نسب ، مصاهرة، زواج ، طبقا للفصلين 534-535 من القانون الجنائي ، فعقوبة السرقة لا تطبق على الأبناء الذين سرقوا أموال أبائهم ، لكن قد يحكم عليه بالتعويضات المدنية في حالة كان المال المسروق مملوكا لزوجه أو كان مملوكا لفروعه أو أصوله ، والمشرع المغربي وسعيا منه على المحافظة على سمعة العائلة وصونا للقرابة أفرد للسرقة ظرفا خاصا حيث لا يجوز متابعة الجاني إلا بناء على شكوى من المجني عليه .
لمن أراد تحميل الملخص على شكل PDF: